
بسم الله الرحمن الرحيم
فلسطين والقدس وأهميتها لليمن

قسمت المحور إلى ثلاثة اقسام:-
القسم الأول: مؤامرة العودة وتفتيت الأمة
القسم الثاني: انعكاسات المؤامرة الجيوسياسية على الأمة
القسم الثالث: أهمية القضية الفلسطينية لليمنيين.
بدأت مرحلة التآمر على الأمة من لحظة اخراج اليهود من جزيرة العرب في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما تلاها من احداث في عصر الانكسار الاول بعد سقوط الدولة العباسية وسيطرة الصليبيين على فلسطين ومن ثم اعادتها للحاضنة الإسلامية ومرت الأيام لتسقط الدولة العثمانية فتعود الاطماع اليهودية من جديد فكان سايكس بيكو الذي انتج وعد بلفور المشؤم وكان ضمن مخطط كبير لتدمير الامة وتفتيتها مستفيدين من اخطائهم السابقة وعازمين على تداركها وتنفيذ مخططهم بتكلفة صفر في اسواء الأحوال اما في احسن الأحوال فتحقيق أرباح وتنفيذها بأيدي أبناء الامة وبأموالها وتحقيق السيطرة الكاملة على قرار الامة السيادي ونهب ثرواتها وهم مع ذلك غير مستعجلين لانهم يعرفون ان في العجلة الندامة .
وبما ان لهم تجارب سابقة مع فلسطين وخبرة متراكمة فقد توصلوا الى خطة رهيبة ترتكز على أربعة أعمدة تمكنهم من استمرار السيطرة وديموميتها وإبقاء جذوت العداء والتحفز للمواجهة حية متقدة لدى جمهورهم.
العامل الأول:
ضرب الإسلام في مقتل بتحطيم القناعات المتراكمة لدى المسلمون التي اتى بها القران الكريم بضعف اليهود وجبنهم وخبثهم وعدم قدرتهم على المواجهة والصمود وهذا يؤدي بدوره الى الشك في مسلمات أساسية لان الواقع يخالفها ولا تنطبق عليه
ونتيجة لذلك تبدأ روح الانكسار والتبرير للتعايش مع اليهود وقبولهم وعدم قدرتنا على مواجهتهم وتتساقط آيات القران تباعا
فحرصوا أن تكون دولة الكيان الصهيوني الأقوى من الناحية العسكرية وتتمكن من هزيمة العرب مرة تلو أخرى ولو ان ذلك تم بمساعدة دول الاستكبار العالمي واهداء النصر لها وانها القوة التي تقهر
نجد الله سبحانه يقول في القرآن (لن يضروكم الا اذى وان يقاتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون).
العامل الثاني:
جلب اليهود الى فلسطين من شتى بقاع العالم ليصبحوا تكتل سكاني يسهل الدفاع عنه إنسانيا ويكون له حق الحياة والاستقرار قانونيا والتركيز على معاناة اليهود وضرورة رفع الظلم الواقع عليهم من الفلسطينيين المتوحشين
هذا العامل مهم جدا في بقاء الأنظار منتبهة لليهود ومتيقظة ومستعدة للانطلاق لمساعدتهم من قبل دول الاستكبار ومبرر لها امام شعوبها واحرارها لتدخلها الفج ضد الأمة.
هذا أيضا استغل منْ قِبل راسمي الخطة في توحيد اليهود انفسهم وذلك بتضخيم الهاجس الأمني لدى اليهود وتكبير وهم استهدافهم من العرب مما حدا بهم الى نسيان خلافاتهم التي ذكرها الله (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) والإلتفات للعدو القادم وهذا مرتبط ارتباطا كليا بالعامل الذي سبقه
العامل الثالث:
ضرب القيم والمبادئ العربية التي جاء الإسلام مؤكدا ومقوما لها بما تمثله من اباء وعزة وحمية ونجدة وكرم وشعور بالمسؤولية والانتماء.
فعملوا جهدهم ان يقضوا عليها واحدة بعد أخر.
وقد لاحظنا انتشار الأفكار البديلة و الدخيلة على الامة كالماركسية والاشتراكية والرأسمالية والالحاد والتحرر والعلمانية.
وإتهام الدين والمتدينين بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة العصر وبرزت دعوات فصلُ الدين عن الدولة وضرورة عودة العلماء والمفكرين والاحرار الى زوايا المساجد والبيوت والدعوة الى مغادرة الثقافة الإسلامية الأصيلة وجلب ثقافة الغرب المتحللة التي ليس لها قيود.
ومن خلال عملهم على ضرب مقومات الأمة الثقافية تحقق لهم الشيء الكثير فَحُيِّدت كثير من المجتمعات العربية وأصبحت قضية فلسطين هامشية ولم تعد ذات أهمية لديهم وعطل دور الدين والقران والعلماء والمصلحين.
العامل الرابع:
احياء القومية العربية التي فصلت الامة العربية عن حصنها الكبير وجعلتها وحيدة يسهل القضاء عليها ومبرر لبعض الحكام والسلاطين في الدول الإسلامية للتنصل عن نصرة فلسطين لأنها قضية عربية يجب على العرب الإهتمام بها أولاً.
بينما المفروض ان فلسطين واي جزء يخضع للإحتلال أو يتعرض للاعتداء مهمة حمايته والذود عنه إسلامية دينية شرعية ولم تأتي هذه المسميات إلا في تاريخنا الحديث.
مخططي المؤامرة لديهم معرفة بالمجتمعات العربية وبما قد حققوا من نتائج وأنهم قد استطاعوا أن يحطموا عوامل المقاومة النفسية لدى شعوبها.
وأن يروضوا الشعوب العربية على تقبل فكرة التعايش مع المحتل.
وأن يجعلوا من القومية اليهودية فكرة مستساغة قابلة للوجود بينما بدأت تتوارى القومية العربية عن الأضواء ليحل محلها قوميات ومسميات أخرى
من خلال ما سبق نرى أنهم قد حققوا الشيء الكثير وبناء عليه فقد كانت الخطوة الجريئة التي اتخذها ترآمب بإعلان القدس عاصمة أبدية لليهود نتاجا طبيعيا للعمل والمجهود الكبير الذي أشرنا اليه سابقا.
ولن يتوقفوا عن هذا الحد فهدفهم الرئيسي مكة والمدينة و تأسيس دولة اليهود من النيل الى الفرات ولعل العودة الى كتيب بروتوكلات حكماء بني صهيون يعزز ما ذكرنا.
المحور الثاني:
إنعكاس المؤامرة الجيو سياسي على الامة:ــ
كان لابد للخطة ان تأخذ بعين الاعتبار العامل الجغرافي وان تسعى لدراسته بتمعن ودراية وفق ما هو متوفر لديها من إرث ضخم حصلت عليه اثنا فترة الصراع والاحتلال الصليبي
فعملت عل تقسيم الامة الى دول متعددة وحرصت ان يكون التقسيم بما يثير المشاكل والاحقاد مستغلة عوامل بيئية متعددة معدل سقوط الامطار ومجاري الأنهار واماكن الرعي وخصوبة الأرض بحيث تبقى الامة في حالة صراع مستمر وهو ما تحقق 100%
تركت دول أوروبا البلاد العربية وخرجت منها ولكنها تركت لها خطوط وحدود ملتهبة وشائكة في ما بينها وبين جيرانها من القوميات والجنسيات الأخرى.
فثارت حروب كثيرة كان المخططون اليهود المستفيدون بالدرجة الاولى منها فباعت السلاح واستهلكت أموال الامة وذهبت بشبابها وعمقت الجراح بين الاخوة الأعداء .
فعلى سبيل ألمثال الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت ثمان سنوات وكان مبرر شنها تحرير شط العرب الذي تنازل عنه العراق
وحرب الخليج الأولى والتي كانت نتاج غزو العراق لدولة الكويت .
فالمؤامرة لم تغفل شيء مطلقا وعملت على كل ما من شأنه اشغال الامة عن عدوها الحقيقي فتمزقت الامة الواحدة ذات الدين الواحد والاله الواحد واللغة الواحدة من كان ينتظر منها قيادة البشرية الى عالم التقدم والازدهار فأصبحت في الحظيظ
وأصبحت امة مثالا للتخلف والقسوة والعنف امة منبوذة وصل بها الحال الى ان تكون داعش ودولة الخلافة والقاعدة وجهها البارز امام العالم امة كانت خير امة أخرجت للناس لو انها تمسكت بكتابها وحملته .
مثلما قلنا في المقدمة ان الاستهداف للأمة ليس وليد اللحظة وانما منذ عصر النبي صلى الله عليه واله وسلم وما داعش واخواتها الا نتاج الفكر الضال الذي نشاء بعد وفاة النبي ونتيجة الانحراف الكبير الذي نعاني منه الى اليوم .
وما آلت اليه أوضاع الامة هو بسبب تركها للموجهات الرئيسية التي أشار اليها الله سبحانه ونبيه صلى الله عليه واله وسلم .
فلو ترك المجال للإمام علي عليه السلام لما رأينا كل هذا ولما حدث شيء مما هو حادث اليوم ولكانت الامة بحالة افضل.
الله سبحانه وتعالى يهيئ لهذه الامة بين وقت واخر من يعيد لها الحياة ويوجه بوصلتها ويقود توجهها ويحول بينها وبين من يريد لها السوء فلولا العناية الإلهية بالأمة لكانت قد انتهت بالنظر إلى حجم المؤامرة وامكانياتها
ففي لحظة غفوة من التاريخ برز رجل الدين الإيراني الامام الخميني رحمة الله عليه ضد احد أدوات المؤامرة شاه ايران وقلب عليهم الطاولة رأسا على عقب بثورته المباركة التي اعادت للامة الإسلامية روحها واحيت الامل لدى أبنائها ووضعت اللبنة الأولى لمشروع التحرر والنهوض للأمة الإسلامية ومقاومة الاستكبار العالمي والشيطان الأكبر أمريكا وإعادة توجيه البوصلة لعدو الامة الحقيقي وكُشفت المؤامرة وعرت ادواتها وكشفت زيف منهجها وان الإسلام هو دين التقدم والحرية، فكانت شعارات الثوار في ايران بركان متفجر واعصار هادر وفيضان مدمر لكل ما حققه العدو من مكاسب ونجاحات.
ذات مرة تحدثت الى سيدي العلامة / أحمد صلاح الهادي حفظه الله عن الثورة الإيرانية وما انتجته من وعي وثقافه لدى الشعوب العربية حتى وصلنا الى الامام الخميني فقال عنه عبارة رائعة ( رجل أدخل العزة الى بيوت المؤمنين ).
لم يتحمل راسمي مؤامرة القضاء على الامة هول الصدمة فأوعزوا الى أياديهم وادواتهم لمحاصرة ايران واشغالها عن هدفها الأساسي والذي كان اليوم طهران وغدٍ القدس فشُنت الحرب ضدها مثل ما قلنا وبخسارة تساوي ربح لم يتوقعوه بأموال وجهود وجيش عربي. وهم يتفرغون لترميم خطتهم وإعادة تهيئتها بما يتلائم مع الجو السياسي الجديد ولكنهم لم يستطيعوا محاصرة النتائج والحد منها فانطلقت الحركات التحررية في لبنان وفلسطين.
المحور الثالث:ــ
أهمية القضية الفلسطينية لليمن :ـــ
دائما اليمنيون لهم السبق في الاعمال الجهادية والذود عن حمى الامة فعند تحرير فلسطين كان عمود الجيش الإسلامي من اليمنيين وعند تحريرها للمرة الثانية كان عدد اليمنيين في الجيش الإسلامي حسب بعض المصادر التاريخية اثنا عشر الف مقاتل .
وقد شارك اليمنيون في الدفاع عن فلسطين أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بشكل كبير وفعال .
فالقضية الفلسطينية تحتل وجدان اليمنيين وتسيطر على مشاعرهم فقد كانت وما تزال المحرك الأول لتحركهم وانطلاقتهم في جميع الاتجاهات
فترى الشعب اليمني في أوائل من يستجيبون ويلبون النداء وبدأت تتبلور حركة مهمة في اليمن هي حركة انصار الله على يد مؤسسها الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه ففي عام 1989م بدأ النشاط التوعوي بصوره سرية عبر نشرات داخلية وتسجيلات صوتية أناشيد ومسرحيات كان النظام اليمني آن ذاك احد أدوات المؤامرة والتي عهد لها بقمع أي صوت حر وواعي واستمر الحال حتى اعلان الوحدة اليمنية والديمقراطية الصورية التي جعلت النظام يركز على الحفاظ على السلطة وبقائها بيده ضد منافسيه مما أتاح متنفس محدود للقيام بنشاط ثقافي سياسي فكانت الندوات ومن ثم المراكز الصيفية التي بدأت في 1991م بمجموعة صغيرة من الطلاب.
كانت الأنشطة كلها تعتمد قضية فلسطين كمحرك رئيسي لوعي الأمة وتغيير الصورة النمطية التي ترسخت في وجدانها ليُتوَّج هذا الجهد والعمل الجبار بإعلان الصرخة الله أكبر ، الموت لأمريكا ، الموت لإسرائيل ، اللعنة على اليهود ، النصر للإسلام والتي تغير بحق أفضل وأقوى عنوان ممكن ان ينتجه أو أنتجه عمل ثقافي على مستوى الأمة حيث كان للسيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه السبق في كشف اليهود وأنهم من يقفون خلف كل المصائب والنكبات في العالم بأسره معيداً للأمة الى ما حاول أصحاب المؤامرة القضاء عليه القرآن الكريم منبهاً ومرشداً لها الى انه الذي على أساسه ومن خلاله تتمكن الأمة من التوحد والالتئام مؤكداً ان المؤامرة ليست وليدة التاريخ الحديث وانما تمتد لقرون بعيدة وان التشرذم والتناحر هو نتاج عمل ممنهج ومدروس لليهود ومنذ الأيام الأولى للدين الإسلامي .
مؤكداً ان اليهود يعلمون علم اليقين ولديهم الكثير من الأدلة لخطورة المرحلة وأن نهايتهم ستكون على ايدي قرناء الكتاب أهل البيت عليهم السلام لأن من هزمهم آن ذاك في خيبر وبني النظير وبني قينقاع هو محمد صلوات الله عليه وعلى آله وعلي بن ابي طالب عليه السلام ولذا فهزيمتهم ونهايتهم ستكون على يدي أبنائها وقد أثبت الواقع صحة ذلك فخلال كل الحروب التي خاضها العرب كانت نتائجها محسومة سلفاً لهم
تنبه الأعداء لخطورة الصرخة وتوقيت إعلانها ومنطقتها التي أُعلنت فيها والشخص الذي أعلنها فحاولوا وأدها والقضاء عليها في مهدها فعهد لزعيم الخيانة بشن الحرب التي أسفرت عن استشهاد السيد حسين بدرالدين الحوثي عليه السلام وظنوا انهم بقتله قضوا على روح المسيرة القرآنية ولكنه عليه السلام ترك ارثاً ووقوداً من الوعي يكفي الامة لمئات السنين ، فلا تخلوا محاضرة من محاضراته من ذكر اليهود وخبثهم وتآمرهم على طمس معالم الدين والقضاء عليه مستمداً ذلك من كتاب الله العزيز ناقلاً له بصورة واضحة وبسيطة يلامس وجدان الأمة ومشاعرها.
ففلسطين في فكر السيد حسين ليست الا الخطوة الممهدة والأولى لاحتلال مكة والمدينة وعودة اليهود الى المناطق التي أُخرجوا منها وأن إحتلال فلسطين ما هو الا مجس او بالون اختبار يوضح لهم مدى نجاحهم في مخططهم والذي قد حققوا منه الكثير من النجاحات وأشار إلى أن القضية الفلسطينية إسلامية وليست عربية لأنها شرعية دينية يبدو انه كان لديه إحساس ومعرفة بأن العرب سيتخلون عن فلسطين فليس لهم الحق في ذلك حتى انه قال في احدى محاضراته أنه لو تنازل الفلسطينيون انفسهم عن فلسطين فليس لهم الحق في ذلك وقال ان السلام لا يتحقق لك بهكذا مفاوضات الا اذا كنت في موقف عزة وقوة ومكانة .
وأشار عليه السلام الى أن اليهود أعداْء يعملون جهدهم على تدمير الأمة والقضاء عليها بشتَّى الأساليب والطرق وأنهم يطورون خططهم بشكل سريع وكبير.
دعى الأمة إلى أن تكون بمستوى المسؤولية وأن تكون يقظة ومنتبهة لليهود ومكرهم وخبثهم وإلى ضرورة الوعي ورفع مستوى الأمة ثقافياً وعسكرياً وسياسياً واقتصادياً لتكون على مستوى المواجهة وقادرة على مجابهة عدوها وهزيمته لأن من لا يملك قوت يومه ويحمل وعي فلن يستطيع اتخاذ القرار السليم والانتصار على الأعداء.